اختفى 20 عاماً... وعاد قبيل «الفاتحة» على روحه!... فتحول الترح إلى فرح
اختفى 20 عاماً... وعاد قبيل «الفاتحة» على روحه!... فتحول الترح إلى فرح
الوسط - محرر الشئون المحلية
كثيرا ما يتحول الفرح إلى ترح! ولكن سيد شبر علوي (74 عاما) من قرية كرزكان «قلب الآية» هذه المرة، ليتحول الترح إلى فرح! فقد استبدل مجلس الفاتحة على روحه إلى مجلس فرح بعودته بعد عشرين عاما غاب فيها عن أعين أهله! عشرين عاما لا هم يعرفون اليه سبيلا فيلحقون به، ولا هم يعلمون بوفاته فيقيمون «الفاتحة» على روحه!.
قصة لا تصلح إلا نصا لفيلم واسع الخيال! كانت بدايتها عندما غادر علوي البحرين إلى الإمارات في العام 76 بحثا عن عمل، واستقر هناك بعد أن التحق بوظيفة في إحدى الوزارات الحكومية، وبقي على صلة بعائلته حتى العام 87 وفجأة «انقطع الخطاب» وتقطعت كل حبائل الاتصال، و»لا خبر جاء ولا وحي نزل»! وكأن الأرض انشقت وابتلعت رجلا كان عمره وقت اختفائه يناهز 54 عاما، ليبقى اللغز المحير طيلة عشرين عاما مضت!.
أحد أقارب علوي يقول «كنت أنا من التقى به في آخر لقاء له بأحد أقاربه، إذ ذكر لي أنه ينوي الرجوع إلى البحرين والاستقرار فيها، وكان ذلك في العام 87 وبعد هذا اللقاء انقطع الاتصال به، ولم نعلم له أرضا ولا سماء».
لم يعرف قريب علوي أن اللقاء الذي جمعه به هو الأخير، ولن يعاود اللقاء به إلا بعد عقدين من الزمان! لذلك رجع إلى البحرين حاملا خبرا سعيدا وهو أن علوي سيعود ليستقر مع زوجته وأولاده، ولكن الرياح القادمة من الإمارات في ذلك العام «لم تجر كما تشتهي السفن» لتبدأ قصة غياب طويلة الأمد، لرجل هرم قضى هرمه بعيدا عن ولديه وابنتيه وأحفاده.
«لا أحد يعرف سبب هذا الغياب» هذه هي الكلمات التي أجاب بها قريبه على سؤال «الوسط» الذي يستوضح عن سبب غيابه هذه المدة ولعل تلك الأسباب «شخصية» لا يريد علوي نفسه الإفصاح عنها.
لم تكف محاولات بحث عائلة علوي عنه منذ العام 78 حتى يوم العثور عليه، ولكن المدة الطويلة بدأت تضائل أمل اللقاء به، فأنى لرجل مسن أن يغيب عن عائلته عشرين عاما؟ أسئلة كثيرة تجعل من أمل اللقاء خيطا أوهن من بيت العنكبوت! أين ذهب ولماذا ومتى سيعود وأسئلة لها أول ولا آخر لها! أيمكن أن يكون حيا يرزق؟ كل محاولات العثور عليه فشلت، وبقي أمره «مجهولا» ولا دليل على وجوده لا بين عالم الأحياء ولا الأموات!.
كل ذلك جعل من شائعة «موته» بين أبناء القرية، أمرا ليس مستحيلا بل «عقلائيا» ربما، ولكن متى مات؟ وكيف مات؟ وأين دفن؟ ومن دفنه؟ فإن كان في عداد الأموات كما يقول الناس فلابد لهذا السجل أن يغلق ولا بد لمجلس العزاء أن ينصب وإلا لا موت من دون مجلس عزاء، إذاً حتى بعد تفشي «شائعة موته» لايزال الأمر أسير المجهول، هذا ما دعا أحد أقربائه إلى شد الرحال إلى الإمارات لتجديد حملة البحث «الأخيرة» وكان أمل العثور على أثر موته أكبر من أمل العثور على أثر حياته.
غادر القريب للبحث عن قريبه، وعند أول محطة من محطات البحث، في إحدى الجهات الحكومية كان الجواب غير المتوقع هو: «الرجل على قيد الحياة (...) والمعلومات على جهاز الحاسوب تشير إلى أن قريبك تعرض إلى حادث مروري قبل أشهر في العام 2006م، إلا أنه خرج من المستشفى في اليوم نفسه، وصحته جيدة».
كان الجواب على أذني قريب علوي «أكبر من أن يقال أو يكتب» وشائعة موته هي حقا «شائعة» إذاً مشاعر لا توصف هي التي أحسها قريب علوي ولكن «أين هو؟» هذا هو السؤال الذي وجهه علوي إلى الموظف ليحصل على الجواب بالقول «نحن ننصحك بالذهاب إلى السفارة البحرينية، وإبلاغها بالأمر لتقوم هي بإجراءات البحث عن قريبك».
«كان اللقاء الأول بالسفارة يبشر بخير، إذ أبدى المسئولون هناك تعاونا كبيرا» هذا ما شعر به قريب علوي عندما ذهب ليبلغ السفارة بالأمر، إلا أن نتائج البحث تحتاج إلى أسبوع على الأقل حسب ما أخبر القريب، الأمر الذي دعاه للعودة إلى البحرين لإبلاغ بقية العائلة بآخر تطورات الموضوع، والعودة إلى الإمارات قبل أن ينتهي الأسبوع، لمتابعة باقي الإجراءات.
لم يمض من «أسبوع السفارة» إلا يومان فقط! حتى صاح هاتف قريب علوي ليجد الرقم «دولياً» أمعن النظر أكثر ليجد أنه «رقم دولي» حقا! «ألو» «نعم» «من؟» هذه الكلمات التي رد بها القريب على اتصال السفارة، ليأتيه الجواب «الحمد لله على السلامة، وجدنا قريبك سيد شبر علوي موجود الآن في السفارة، يمكنك التفضل لدينا لعمل إجراءات تسلمه».
غادر قريب علوي في اليوم نفسه إلى الإمارات، بعد أن زف البشارة إلى باقي العائلة، ليلتقي بـ»علوي» بعد عشرين عاما كان «المصير المجهول» فيها هو سيد الموقف، ليعود القريب من الإمارات إلى قرية كرزكان مصطحبا معه رجلا له من العمر 74 عاما، قضى آخرها بعيدا عن زوجته وأبنائه، «كل الأسئلة لا حاجة للإجابة عليها بعد أن عاد علوي إلى أهله حتى ولو بعد حين» هذا ما ختم به قريب علوي حديثه مع «الوسط» وهاهو الترح ينقلب إلى فرح على غير عادته!.